الفيدرالي قد يصدم الأسواق غدًا.. هل تحدث المفاجأة ويثبت الفائدة؟

منذ أوائل عام 2022، رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة بمقدار 475 نقطة أساس تراكمية لمكافحة التضخم المتصاعد. وفي الوقت نفسه، استثمرت العديد من البنوك في الولايات المتحدة، بما في ذلك “سيليكون فالي” و”فيرست ريبابليك”، بكثافة في السندات عندما كانت أسعار الفائدة منخفضة.

وفي غضون ذلك، فإن الزيادة السريعة في أسعار الفائدة تعني أن قيمة حيازات السندات هذه انخفضت بشكل كبير، مما أدى إلى خسائر كبيرة للبنوك التي تتطلع إلى بيعها في أوقات الضائقة الأخيرة. حيث أدت أزمة الثقة التي حدثت في الفترة التي سبقت انهيار “سيليكون فالي” وبعض البنوك الأخرى في الولايات المتحدة في مارس إلى قيام المودعين بسحب أموالهم من البنوك الأخرى أيضًا، بما في ذلك بنك ” فيرست ريبابليك”.

ومع سقوط “فيرست ريبابليك” هذا الأسبوع في أعقاب انهيار بنك “سيليكون فالي” (SVB) في مارس 2023، وقد حدث إلى حد كبير لنفس الأسباب، أصبحت أصابع الاتهام مصوبة نحو الفيدرالي. حيث كان سبب المشاكل مع هذه البنوك هو رفع أسعار الفائدة الذي نفذه الاحتياطي الفيدرالي خلال الفترة الماضية.

الفيدرالي سبب الأزمة.. هل يتراجع غدًا؟

استثمرت إدارة بنك “سيليكون فالي” كثيرًا في السندات طويلة الأجل التي فقدت قيمتها مع ارتفاع الفائدة، وتجاوز النمو السريع عمليات الإشراف التي يجريها الفيدرالي، حيث لاحظ المشرفون المشكلات لكنهم لم يدركوا أهميتها الكاملة أو لم يضغطوا كفاية لإصلاحها.

وساهمت الارتفاعات المتتالية في أسعار الفائدة في الإشكاليات التي تعرض لها بنك “سيلكون فالي”، حيث أصبح من الصعب على عملائه المبتدئين اقتراض الأموال، وجعلهم يسحبون ودائعهم المالية بوتيرة أسرع.

لكن الارتفاع في أسعار الفائدة – الذي يعتبر تحولاً هائلًا يحدث بعد سنوات من الاقتراض بكلف منخفضة – أوجد مشكلة أكبر بكثير، حيث أضر بقيمة استثمارات السندات طويلة الأجل التي اشترتها البنوك عندما كانت أسعار الفائدة منخفضة.

فتقوم البنوك بشكل روتيني بشراء ديون حكومية آمنة، كطريقة لتلبية المتطلبات التنظيمية للاحتفاظ بكمية كافية من الأصول السائلة عالية الجودة. وقد أدى ارتفاع أسعار الفائدة إلى انخفاض حاد في قيمة هذه السندات.

وعندما يجد البنك نفسه يعاني من نقص في السيولة لتلبية تدفقات الودائع الخارجة، كما حدث لبنك سيلكون فالي، فقد يضطر إلى بيع جزء من محفظته “المحتفظ بها حتى تاريخ الاستحقاق”، ما يؤدي إلى بلورة الخسائر وبما يثير قلق المستثمرين والمودعين.

وفي اجتماع الفيدرالي السابق بشأن الفائدة، كانت الأسواق تتوقع على نطاق واسع رفع الفائدة بـ 50 نقطة أساس، ولكن تحولت هذه التوقعات سريعًا نحو ثبات أو رفع الفائدة بـ 25 نقطة فقط بالتزامن مع مخاوف من أزمة مصرفية حادة. وبالتالي قد يتجه الفيدرالي إلى تثبيت الفائدة غدًا مع تجدد هذه المخاوف خلال هذا الأسبوع مع انهيار بنك “فيرست ريبابليك” واستحواذ بنك “جي بي مورغان على كافة أصوله.

محضر الفيدرالي

كشف محضر الفيدرالي السابق عن إن صناع السياسة في الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قد قلصوا توقعاتهم بزيادة رفع أسعار الفائدة خلال العام الجاري، بعد أن تسببت سلسلة انهيارات بنكية في حدوث اضطراب بالأسواق الشهر الماضي، مشددين على أهمية اليقظة من احتمال حدوث أزمة ائتمانية قد تؤدي إلى زيادة التباطؤ الاقتصادي.

وأشار العديد من أعضاء الاحتياطي الفيدرالي، خلال مشاركتهم في اجتماع لجنة السوق المفتوحة، إلى أن الآثار المحتملة للتطورات التي شهدها القطاع المصرفي في الفترة الأخيرة على النشاط الاقتصادي والتضخم، دفعتهم إلى خفض تقييماتهم للنطاق المستهدف لمعدل الأموال الفيدرالية الذي سيكون مقيدا بدرجة كافية.

وذكروا أنه قبل نشوء الأزمة المصرفية، دفعت البيانات الواردة منذ اجتماع الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر الماضي العديد من صناع السياسة إلى رؤية مسار معدل “أعلى إلى حد ما” من توقعاتهم السابقة، لكن المسؤولين قاموا، بعد أزمة انهيار بنكي سيليكون فالي وSignature  قبل أيام من اجتماع الاحتياطي الفيدرالي في مارس الماضي، بمراجعة توقعاتهم بما يتماشى مع ما تم ملاحظته في أواخر العام الماضي بشأن النشاط البنكي والمؤشرات الاقتصادية.

ومن هذا المنطلق، قد يغير الفيدرالي رأيه بشأن رفع أسعار الفائدة غدًا ويفاجئ الأسواق بتثبيت الفائدة، وذلك لتهدئة الأسواق بشأن مخاوف الأزمة المصرفية التي تتجدد من حين لآخر، خاصة بعد انهيار بنك “فيرست ريبابليك” وهو الثالث في حوالي شهرين، وذلك باعتبار الفائدة سببًا رئيسيًا في انهيار هذه البنوك.